الخميس، 22 أكتوبر 2020

رفع إسم السودان من قائمة (الإرهاب) نصر عظيم

 من عجائب وسخريات القدر والزمن أن دولة مترامية الأطراف ومتعددة الإثنيات والثقافات والقوميات والديانات ومليئة بالثروات وبالتاريخ والإنسان قد حكمت بالحديد والنار لمدة ثلاثون عاماً (1989م - 2019م) عبر حكومة إسلامية فاشلة تعتبر إحدى أسوأ الحكومات في تاريخ البشرية قاطبة والتي بدأت قبل آلاف السنوات.

سنوات عجاف ضاق خلالها الشعب السوداني الويلات والآلام والعذاب والقهر والتشريد والتنكيل والفقر والجهل والمرض والفساد والضيم والبؤس بسبب جماعة فرضت نفسها بقوة السلاح وبتجارة دينية رخيصة نتيجتها كانت إفلاس البلاد وتقسيمها وإندلاع الحروب في الأطراف وقتل وتشريد الملايين وهجرة معظمهم إلى الخليج وأوروبا وأمريكا الشمالية.

ومن الآثار السيئة التي ورثناها من تجار الدين هي وضع إسم السودان في قائمة الدول التي ترعى الإرهاب، حيث فرضت العقوبات الأميركية على السودان عام 1993م، على خلفية إيوائه زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بين عامي 1993م و1996م، ولم يكتفوا بذلك قط حيث قاموا بإيواء الإرهابي الفرنسي الآخر (كارلوس)، وكذلك إقامة معسكرات تدريبية جهادية في قلب البلاد لجماعات الهوس الديني والراديكاليين والأصوليين والإرهابيين من جميع أنحاء العالم، والتفنن في توزيع الجنسية والجواز السوداني لكل من هب ودب من الإرهابين،

كلنا نذكر ونستذكر التفجير الإنتحاري والإرهابي الذي وقع ضد المدمرة الأمريكية (يو اس اس كول) في 12 أكتوبر 2000م بينما كانت ترسوا على ميناء عدن اليمني، وأسفر الهجوم عن مقتل 17 بحاراً أمريكياً، وتم فيما بعد إكتشاف أن منفذي العملية هما إبراهيم الثور وعبد الله المساواة حيث كانوا أعضاء في منظمة القاعدة، وفي 29 سبتمبر من نفس العام قضت محكمة يمنية بإعدام المتهمَيْن الرئيسيَّين بتفجير المدمرة، كما حكمت بالسجن على أربعة من المتهمين، لمدد راوحت بين 5 و10 سنوات.

 بعد أكثر من سنتين وبالتحديد في 3 نوفمبر 2002م أطلقت عناصر من وكالة المخابرات الأمريكية النار على سيارة كانت تقل أبو علي الحارثي وأحمد حجازي على الأراضي اليمنية حيث أعتبرت الوكالة الإثنين من المخططين الرئيسيين للعملية.
وكانت محكمة أمريكية قد قضت قبل سنوات بأن السودان مسئول عن الهجوم، لأن منفذي الهجوم تدربا في السودان، وهو ما نفته الخرطوم.

وللعودة بالتاريخ إلى الوراء قليلاً، بحيث أنه في السابع من أغسطس 1998 ما بين 10:30 و 10:40 صباحاً بالتوقيت المحلي توقفت شاحنات محملة بالمتفجرات أمام السفارات الأمريكية في نيروبي العاصمة الكينية ودار السلام العاصمة التنزانية وأنفجروا في وقت واحد تقريباً وأسفروا عن مقتل 213 شخص في نيروبي بالإضافة إلى أحد عشر شخصاً في دار السلام كانت غالبيتهم من الكينيين، والإرهابيين كانوا في تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن.

بعدها قام الرئيس بيل كلينتون برد فعل متوقع على التفجيرات بقصف عدة أهداف في السودان وأفغانستان بصواريخ كروز في 20 أغسطس 1998م، وقد دمرت هذه الصواريخ في السودان مصنع الشفاء للأدوية الذي كانت تصنع به 50% من الأدوية في السودان وأعلنت إدارة الرئيس كلينتون أنه توجد أدلة كافية لإثبات بأن المصنع المعني ينتج أسلحة كيميائية ولكن أثبت تحقيق ما بعد القصف إن هذه المعلومات كانت غير دقيقة وأتهمت السلطات الأمريكية 22 شخصاً في مؤامرة تفجير السفارتين، يأتي على رأس قائمة المتهمين أسامة بن لادن.

 لكل ذلك، وبعد فرض العقوبات القاسية والرادعة تلك، إنعزل الأغلبية الساحقة من الشعب السوداني بعيداً عن العالم الخارجي لمدة تقاربت الثلاث عقود بلا أي ذنب أقترفوه، وتحولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق، فالعقوبات الإقتصادية كانت قاسية ومجحفة وطالت كل القطاعات الحيوية وجففت كل روافد ومنابع الإقتصاد الوطني، وأصبحت عمليتي الإستيراد والتصدير شبه متوقفة والتعاملات المالية والمصرفية مع الدول الخارجية شبه متوقفة، ولم يتعافى الإقتصاد السوداني من تداعيات ذلك الحصار المؤسف حتى الآن.

بعد إندلاع الثورة السودانية العظيمة في ديسمبر 2018م وطرد وإقتلاع الإسلاميين إلى الأبد في 2019م على رأسهم الإنقلابي المخلوع عمر البشير وزمرته وزبانيته، جاءت حكومة إنتقالية بشقيها العسكري (هم بقايا النظام السابق ولكن بوجه جديد) والمدني على رأسهم دكتور عبد الله حمدوك الذي يحاول بقدر الإمكان إصلاح ما أفسدته الأيادي الإسلاموية القذرة، وأخيراً نجح في واحدة من المهام الأساسية وهي رفع إسم السودان من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب.

حدث ذلك في الأيام القليلة الماضية حيث أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إدارته مستعدة لإزالة السودان من قائمة (الدول الراعية للإرهاب) فور إستلام تعويضات مطلوبة من الخرطوم.

وترتبط التعويضات، التي تبلغ قيمتها 335 مليون دولار، بهجمات شنها تنظيم القاعدة منها تفجير سفارتي واشنطن في تنزانيا وكينيا عام 1998م كما ذكرنا في السطور أعلاه.

وتفتح هذه التطورات الباب أمام الإستثمارات الخارجية في السودان، علاوة على إمكانية حصول الخرطوم على قروض لدعم الإقتصاد.

وفي كلمة متلفزة، قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إن رفع السودان من قائمة (الإرهاب) سيمكنه من العودة إلى النظام المصرفي العالمي والإندماج فيه. 

وأوضح حمدوك أن قرار حذف من القائمة سيفتح المجال أمام إعفاء ديون تبلغ قيمتها أكثر من 60 مليار دولار.  

وكما كان متوقعاً، لم يعجب هذا الإنتصار بقايا النظام السابق والسذج من المواطنين أو المغيبين وتناسوا أننا نتحدث عن وطن وليس عن نظام حكومي قائم أو ذاهب لأن الفائدة ستعم الجميع وليس رئيس الوزراء فقط وحكومته فقط.

من ناحية أخرى، أتمنى تسليم الإنقلابي المخلوع السابق عمر البشير ومعه أعضاء حكومته السابقة لمحكمة الجنايات الدولية بلاهاي حتى تنظف صورة السودان أكثر وأكثر أمام الرأي العام العالمي، ولكي نتمكن من الإندماج مع الدول الخارجية الهامة وهذا أمر مشابه لرفع إسم السودان من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب.

عدنان عمر  (أوسكار)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حرب عبثية في السودان

نعم هنالك حرب عبثية في السودان منذ إبريل 2023 بين ما يسمى بالجيش السوداني وأقصد هنا القادة وهم ينتمون للحركة الإسلامية السودانية أي (الفلول)...