هل صحيح أن سيدنا موسى وشقيقه هارون عليهما السلام من شمال السودان؟ وكذلك هل يمكن أن يكون لقمان الحكيم من هناك؟ شخصيًا، لا أستبعد أن يكون موسى وهارون عليهما السلام من شمال السودان، وربما جنوب مصر بنسبة أقل، وفق عدة دلائل.
الفراعنة في زمن موسى عليه السلام حكموا مصر من منطقة الأقصر جنوب مصر، شمال أسوان، والتي تبعد قليلًا عن شمال وادي حلفا السودانية، مما يجعل من المحتمل أن يكون موسى وهارون عليهما السلام من تلك المناطق.
وقد أُلقي موسى رضي الله عنه في البحر بسبب ظلم فرعون الذي أعلن عن نيته قتل جميع الرضع الإسرائيليين، علمًا أن أسلاف موسى قدموا إلى مصر منذ عهد يوسف عليه السلام.
في ذلك الوقت لم يكن السد العالي موجودًا، ولا خزان أسوان، وبالتالي لم تكن هناك بحيرة ناصر في جنوب مصر أو بحيرة النوبة في شمال السودان التي قد تعيق حركة التابوت في نهر النيل.
ومنطقة النوبة امتدت من جنوب مصر إلى شمال السودان وما زال أهلها معروفين بسمرتهم وقوتهم، وكان موسى عليه السلام أسمر اللون وشديد البأس، وقد قضى على المصري بضربة واحدة مما دفعه للذهاب إلى مدين.
قد يتساءل البعض عن كيفية سير التابوت في البحر من شمال السودان إلى الأقصر رغم وجود شلالين تقريبًا، إلا أن هذا لا ينفي احتمال أن يكون موسى عليه السلام من شمال السودان، فقد ألقي رضي الله عنه في البحر بيد والدته بإلهام من الله الذي وعدها بحفظه وإرجاعه إليها، وكل شيء في الطبيعة يسير بأمر الله.
وأشار القس فيليو ساوث فرج في عموده بصحيفة "آخر لحظة" السودانية إلى أن المصري القديم والكوشي الأسمر كان يصنعان القوارب من ورق البردي، وأن أم موسى وضعت طفلها في سفط من البردي يشبه القارب على شاطئ النيل. أما لقمان الحكيم، فقد أرجع بعض الباحثين أصله إلى المناطق القريبة من جزيرة صاي النيلية في شمال السودان، رغم عدم وجود مصادر دقيقة.
تشير أغلب الروايات إلى أن هاجر عليها السلام، أم إسماعيل وزوجة إبراهيم عليهما السلام، كانت من أصول حبشية أو نوبية، وكان يُطلق على النوبة اسم الحبشة قديماً، مما يجعل احتمال أن يكون موسى وهارون عليهما السلام من شمال السودان واردًا.
وكانت المنطقة الزراعية الخصبة في جنوب مصر وشمال السودان، بينما كان شمال مصر صحراويًا، وقد تزوج أحفاد يعقوب عليه السلام من السكان المحليين، فامتزج نسب موسى عليه السلام بأهالي المنطقة، وكان عمره شهرين عند وضعه في السفط على نبات الحلفا الذي ينمو في شمال السودان فقط، وتتبعته والدته ثلاثة أيام حتى ألقي به عند قصر فرعون.
ورد في التوراة أن العبريين كانوا سكان منطقة "عبري" شمال السودان، وخادم موسى يوشع بن نون اسمه بالمحسية "أوشي" أي الخادم، وكان هارون عليه السلام أفصح من موسى في اللغة النوبية.
ومعنى اسم موسى في النوبية "موساً"، بينما بالعبرية يُنطق "موشاً"، ويعني المرفوض أو غير المرغوب فيه، وقد ذكر البخاري أن موسى عليه السلام كان طويلًا أسمر اللون، وكان هارون عليه السلام شقيقه الأكبر وفصيحًا.
وتشير بعض الآيات القرآنية إلى استخدام الأبقار في سقاية الحرث، وهو ما يميز النوبيين حتى اليوم، كما يدل الهبوط من المناطق العالية إلى المنخفضة على أن قوم موسى كانوا في شمال السودان المجاور لمصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق