من لم يقرأ التاريخ ويسبر أغواره ويفهمه ويحسه ويغوص في أعمق أعماقه فلن يفهم الحاضر والمستقبل أبداً فالحديث عن التاريخ يطيل ويطيل لأنه زاهي وجميل.
وللتاريخ ملوكه وأسياده فهنالك عظماء تركوا للإنسانية إرثاً بقي وباقي وسيبقى إلى الأبد منهم الملك البابلي العظيم إبن بلاد الرافدين (حمورابي) فهو أول مشرع بالمعنى الحرفي والمفهوم في العالم.
وتعتبر (شريعة حمورابي) سادس ملوك مملكة بابل القديمة - واحدة من أقدم وأهم الشرائع المكتوبة في التاريخ البشري، وتعود إلى العام 1790 قبل الميلاد وتتكون من مجموعة من القوانين عددها 282 نصاً قانونياً.
وهناك العديد من الشرائع المشابهة لمثل شريعة حمورابي والتي وصلتنا من بلاد آشور منها مجموعات القوانين والتشريعات تتضمن (مخطوطة أور - نامو)، وكذلك (مخطوطة إشنونا)، وايضا" هنالك (مخطوطة لبت - إشتار) ملك آيسن، إلا أن تشريعات حمورابي هي الأولى في التاريخ التي تعتبر متكاملة وشمولية لكل نواحي الحياة في بابل.
إنّ عماد هذه القوانين هو مبدأ (العين بالعين والسن بالسن)، لذلك يجد البعض بأن أغلب هذه القوانين همجيّة، وفيها شي من القساوة والبطش.
لكن العبرة ليست في القسوة أو البطش بل في وجود قانون يحمي الناس ويطبق على الكل ليكون سواسية أمام القضاء.
تضمنت 282 مادة نقشت على المسلة بشكل أعمدة بلغ عددها 51 عمود، وقد تناولت نواحي الحياة المعروفة آنذاك وهي:
1- (من المادة 1 إلى 5) جرائم الإدارة القضائية وهي الإتهام الكاذب وشهادة الزور.
2- (من المادة 6 إلى 25) الجرائم المرتكبة ضد الملكية كالسرقة والاختلاس.
3- (من المادة 26 إلى 65) أحكام الأراضي والدور.
4- (من المادة 66 إلى 121) أحكام البيع والتجارة.
5- (من المادة 122 إلى 194) أحكام الزواج والطلاق.
6- (من المادة 195 إلى 214) أحكام الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص.
7- (من المادة 215 إلى 240) أحكام ذو المهن.
8- (من المادة 241 الى 273) أحكام الزراعة والري.
9- (من المادة 274 الى 282) أحكام الرقيق.
بعض مواد ونصوص شريعة حمورابي:-
المادة (1):
إذا أتهم رجل رجلا وألقي عليه تهمة القتل، ولكنه لم يستطع إثباتها، فإن متهمه يعدم.
المادة (2):
إذا ألقى رجل على رجل تهمة (ممارسة السحر) ولكنه لم يثبتها، فعلى الذي أتهم بالسحر يذهب إلى النهر، وعليه أن يرمي نفسه في النهر فإذا غلبه النهر فعلى من أتهمه أن يستولي على بيته، وإذا أثبت النهر أن هذا الرجل بريء وخرج منه سالما"، فإن الذي أتهمه بالسحر يعدم، أما الذي خرج سالما" من النهر فعليه أن يستولي على بيت متهمه.
المادة (3):
إذا برز رجل في دعوى وأدلى بشهادة كاذبة ولم يثبت صحة قوله، فإن كانت تلك الدعوى دعوى حياة (أي أن عقوبتها الموت) فإن ذلك الرجل يعدم.
المادة (4):
إذا برز لشهادة (كاذبة) في دعوى تتعلق بالحبوب أو الفضة، فعليه أن يتحمل عقوبة تلك الدعوى.
المادة (5):
إذا نظر قاضي قضية قانونية وأصدر بخصوصها حكما" وثبت (الحكم) على رقيما" مختوم وبعد ذلك غير قراره، فإذا ثبت أن ذلك القاضي قد غير(حكمه) في القضية التي نظر فيها، فعليه أن يتحمل عقوبة تلك الدعوى ويدفع أثني عشر مثلها وزيادة على ذلك عليهم أن يطردوه بلا رجعة من مجلس القضاة ومن على كرسيه ولا يحق له أن يجلس مع القضاة للنظر في دعوى.
المادة (6):
إذا سرق رجل حاجة للإله أو للقصر، فإن ذلك الرجل يعدم ويعدم كذلك من تمسك بيده الحاجة المسروقة.
المادة (7):
إذا إشترى رجل أو استلم على سبيل الأمانة إما فضة أو ذهبا" أو عبدا" أو آمة أو ثورا" أو حمارا" أو أي شيء آخر من يد ابن رجل أو عبد رجل بدون شهود وعقود، فإن ذلك الرجل سارق ويجب ان يعدم.
المادة (8):
إذا سرق رجل أما ثورا" أو شاة أو حمارا" أو خنزيرا" أو قاربا" فإذا الشيء المسروق يعود للإله أو للقصر فعليه أن يتبع غرامة ثلاثين ضعفا"، وإذا كان يعود إلى مولى، فعليه أن يدفع عشرة أضعافه، فإذا لا يملك السارق ما يجب دفعه، يعدم.
المادة (9):
إذا فقد رجل حاجة ما، وقبض على حاجته المفقودة في يد رجل آخر، فإذا صرح الرجل الذي قبضت في يده الحاجة المفقودة (أن بائعا" قد باعها لي واشتريتها أمام شهود)، وصاحب الحاجة المفقودة قد صرح (كذلك) "سأجلب الشهود المؤيدين لحاجتي المفقودة"، فإذا قدم المشتري (أي الرجل الذي قبضت في يده الحاجة المفقودة) البائع الذي باعها له والشهود الذين اشترى الحاجة بحضورهم، وصاحب الحاجة المفقودة قد جلب كذلك الشهود المؤيدين لحاجته المفقودة، فعلى القضاة أن ينظروا في كلماتهم (أي إفاداتهم)، وعلى الشهود الذين تم الشراء بحضورهم وكذلك الشهود المؤيدين للحاجة المفقودة أن يقسموا على صحة إفادتهم إمام الإله ( فإذا تم ذلك) يكون البائع هو السارق ويجب أن يعدم، وصاحب الحاجة المفقودة يسترجع حاجته والمشتري (أي الرجل الذي قبضت بيده الحاجة المفقودة) يستحصل النقود التي دفعها من مال بيت البائع.
المادة (10):
فإذا لم يجلب المشتري البائع الذي باعه الحاجة المفقودة التي مسكت بيده ولا الشهود الذين إشتروا الحاجة بحضورهم، بينما صاحب الحاجة المفقودة قد قدم الشهود المؤيدين لحاجته المفقودة، فالمشتري هو السارق ويجب أن يعدم وصاحب الحاجة المفقودة يسترجع حاجته.
المادة (11):
فإذا لم يقدم صاحب الحاجة المفقودة الشهود المؤيدين لحاجته المفقودة، فهو كذاب ويدعي باطلا"، ويجب أن يعدم.
المادة (12):
فإذا كان البائع قد قضى نحبه، فعلى المشتري أي الذي قبضت بيده الحاجة المفقودة أن يأخذ من أموال بيت البائع خمسة أضعاف ثمن الحاجة التي أقيمت بسببها الدعوى.
المادة (13):
فإذا كان شهود هذا الرجل أي الذي قبضت بيده الحاجة المفقودة ليسوا بالمنال (وقت إقامة الدعوى) فعلى القاضي أن يمدد له فترة أمدها ستة أشهر، فإذا لم يقدم شهوده خلال ستة اشهر، فأن ذلك الرجل كذاب، وعليه أن يتحمل عقوبة تلك الدعوى.
المادة (14):
إذا سرق رجل إبنا" صغير لرجل (آخر) فيجب أن يعدم.
المادة (15):
إذا ساعد رجل إما عبدا" يعود للقصر أو أمة تعود للقصر أو عبدا" يعود لمولى أو آمة تعود لمولى على الهروب من بوابة المدينة فيجب أن يعدم.
المادة (16):
إذا خبأ رجل في بيته إما عبدا" هاربا" أو أمة هاربة تعود إلى القصر أو إلى موالي ولم يستجب لصوت المنادي، فصاحب البيت هذا يعدم.
المادة (17):
إذا قبض رجل على عبد هارب أو أمة هاربة في أرض زراعية وأرجعه إلى صاحبه، فعلى صاحب العبد أن يدفع له شيقلين من الفضة.
المادة (18):
فإذا لم يذكر العبد (إسم) سيده، فعليه (أي الرجل الذي قبض عليه) أن يأخذه إلى القصر، ثم يتحرى عن هويته داخل القصر ويعيده إلى سيده.
المادة (19):
فإذا كان قد إحنفظ بذلك العبد في بيته، وبعد ذلك وجد العبد في حوزته فذلك الرجل يعدم.
المادة (20):
إذا هرب العبد من يد ماسكه، فعلى ذلك الرجل أن يقسم بالإله لصاحب العبد وعندئذ يذهب لحاله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق