الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017

سياسة الأرض المحروقة والآثار المسروقة لإضعاف النوبة

في كل الدول (الشبه محترمة)، دعنا من الدول (المحترمة)، تتسارع الحكومات الرشيدة أو شبه الرشيدة في تعزيز وتعضيد وتقوية وإبراز ما لديها من قوة ومن إقتصاد ومن ميراث ومن ثقافة من أجل التقدم والإزدهار والنمو ومن أجل مستقبل مشرف ومن أجل غدٍ أفضل لكل الأجيال السالفة واللاحقة، ومن أجل تثبيت نفسها كقوة لا يستهان بها ولديها شخصيتها وتوجهاتها الخاصة في العالم.
لكن في السودان الأمر مختلف (ومحلك سر)؟!!، قد نختلف في كيفية إدارة البلاد والعباد وفي الآلية المناسبة لتسيير دفة الحكم، وقد نختلف من حزب لآخر ومن حاكم لآخر، وقد تحكمنا حكومات ديكتاتورية وسادية، أو حكومات شبه ديمقراطية، ولكن أن نصل لمرحلة بدائية ومتأخرة ومتخلفة وعشوائية وهشة وقاسية وغير إنسانية فهذا ما لا يقبله العقل والمنطق والدين والفكر السليم، وهذا ما يرفضه كل القوانين الوضعية وكل الديانات السماوية والأرضية.
كيف يصل المرء لمستوى ومرحلة بيع آثار حضارة إنسانية قامت منذ آلاف السنين من أجل منصب هالك ومال ذاهب؟ وكيف يمكن للإنسان السوي والقويم أن يحرق أشجار النخيل في كل قرية وفي كل بلدة في البلاد النوبية بشمال السودان؟ أي دين وأي منطق يقبل هذا يا هذا؟.
أشجار النخيل والتي ذكرت في (القرآن الكريم) تحرق جهاراً نهاراً بالقرى النوبية الوادعة في الشمال السوداني وتسجل هذه الجريمة الغير إنسانية ضد مجهول؟! والمجهول عند الفئة الحاكمة للبلاد منذ العام 1989م معلوم ومعروف!!.
 وهل حرق نخلة أو كل النخيل يجعل الإنسان المتحضر والمتمسك بأرض الآباء والأجداد يفكر في الرحيل؟! لا وألف لا؟! تحرق نخلة وتزرع مكانها ألف نخلة وتظل الأرض موجودة والإنسان موجود حتى يؤذن بالرحيل من رب الناس.
كل القوانين والأعراف الدولية تحرم وتجرم بيع أي قطعة أثرية في أي بقعة من بقاع العالم، لأن هذه القطعة ليست مجرد قطعة، بل هي قطعة تحكي وتسرد حضارة قديمة، وتتغلغل في حضارة إنسانية ضاربة في أعمق أعماق التاريخ، وهذه القطعة القيمة هي (شاهد ملك) على تلكم الحضارات الغابرة التي غزت كل أرجاء وادي النيل وحتى البلاد الإفريقية والآسيوية، ووصلت بسمعتها الطيبة بلاد ما وراء البحر الأبيض المتوسط.
لا أستطيع أن إستوعب قصة سرقة الآثار أو بيعها، ولا إستطيع أن أهضم كيف يكون الإنسان العادي مرتاح الفكر والبال وهو يتنعم ببيع تاريخه وتراثه وتراث آباءه وأجداده وميراث أبناءه وأحفاده للغير!، لو كان الأمر بيدي لأصدرت حكماً بالإعدام وفي ميدان عام لكل من توسوس له نفسه ببيع القطع التاريخية.
يا هؤلاء، سياسة الأرض المحروقة والآثارات المسروقة لن تثني النوبة ولا أي إنسان شبه عاقل أن يترك أرضه من أجل سدود لا فائدة منها، فقد شرب النوبة من سموم التهجير منذ أكثر من قرن وضحوا بكل الغالي والنفيس في جنوب مصر وشمال السودان، ولكن القاهرة والخرطوم دائماً ما تطمعان وتتفقان في هذا العمل القذر، والأقذر من كل ذلك أن يساهم بعض من ضعاف النفوس من أبناء المنطقة المعنية في هذا العمل العار والفاضح والمخزي والمخجل، ولكن هيهات هيهات فتهارقا وبعانخي وكاشتا لديهم أحفاد يسدون قرص الشمس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق