عندما يولد الإنسان الذي كرمه الله يكون مسيراً وليس مخيراً، فهو لا يختار أهله ولا يختار لونه كما أنه لا يختار شكله أو بنيته الجسمانية أو مكان وزمان ميلاده، فهو عندما يكبر يجد نفسه كما يجده أي لا يد له في كل ما حدث ويحدث له حتى يصل لما هو عليه عند الكبر.
جاء دين الإسلام بتعاليم خالدة مباركة، منها وأهمها المساواة بين كافة البشر، وعدم التفاضل بينهم على أي أساس من الأسس غير العمل الصالح، والآيات والأحاديث في هذا الشأن كثيرة جداً، منها قوله تعالى: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
ذكر أفضل من وطأ الثرى محمد (صلى الله عليه وسلم) في خطبة الوداع: "أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى"، وهذا لا يعني أن عنصرية المسلمين ضد غير المسلمين مباح، لا وألف لا.
العنصرية (أو التمييز العرقي) بالإنجليزية: Racism هو الإعتقاد بأن هناك فروق وعناصر موروثة بطبائع الناس أو قدراتهم وعزوها لإنتمائهم لجماعة أو لعرق ما "بغض النظر عن كيفية تعريف مفهوم العرق" وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف إجتماعياً وقانونياً.
كما يستخدم المصطلح للإشارة إلى الممارسات التي يتم من خلالها معاملة مجموعة معينة من البشر بشكل مختلف ويتم تبيرير هذا التمييز بالمعاملة باللجوء التعميمات المبنية على الصور النمطية وباللجوء إلى تلفيقات علمية.
هناك بعض الدلائل على أن تعريف العنصرية تغير عبر الزمن، وأن التعريفات الأولى للعنصرية إشتملت على إعتقاد بسيط بأن البشر مقسمون إلى أعراق منفصلة.
هناك بعض الدلائل على أن تعريف العنصرية تغير عبر الزمن، وأن التعريفات الأولى للعنصرية إشتملت على إعتقاد بسيط بأن البشر مقسمون إلى أعراق منفصلة.
يرفض جل علماء الأحياء، وإخصيائو علم الإنسان وعلم الإجتماع هذا التقسيم مفضلين تقسيمات أخرى أكثر تحديداً أو خاضعة لمعايير يمكن إثباتها بالتجربة، مثل التقسيم الجغرافي، الإثنية، أو ماضي فيه قدر وافر من زيجات الأقارب.
العنصرية موجودة في كل إنسان ولكن بدرجات متفاوتة وتختلف من شخص لأخر، البعض يظهرها دائماً، والبعض يظهرها من حين لآخر، والبعض يظهرها في أوقات وظروف خاصة تتحكم بها أوضاع معينة.
العنصرية لا تعني فقط عنصرية اللون "أي أفضلية اللون الأبيض على الأصفر والأصفر على الحنطي والحنطي على الأسمر والأسمر على الأسود" وإن كانت هذه العنصرية هي الشائعة للحد البعيد.
هنالك عنصرية الشعوب والأمم فيما بينها حتى لو كانوا ينتمون لنفس العرق "الأصل" أي جدهم واحد وتفرقوا لعوامل وظروف متعددة ومعينة، وهنالك العنصرية الدينية وهي متفشية بدرجة كبيرة، وعنصرية أهل العواصم والمدن تجاه أهل الريف والقرى، وعنصرية الإنسان المتعلم ضد الأقل تعليماً منه.
من هنا نستحضر بعض المواقف العنصرية، مثل عنصرية الغربيين تجاه بعضهم البعض، وعنصرية أهل الغرب ضد العرب، وعنصرية العرب ضد الأفارقة أو غير العرب خلاف الغربيين، وعنصرية الأفارقة أنفسهم تجاه بعضهم البعض.
العنصرية لا تتوقف على الشعوب أو على اللون أو الدين أو الإثنية أو غير ذلك، قد نجد العنصرية داخل القبيلة الواحدة بل حتى داخل الأسرة الواحدة، لذا قد نجد العنصرية داخل المدن والأحياء بسبب التركيبات المعقدة للسكان.
العنصرية مرض بغيض يجب محاربته أو الحد منه، وذلك بوضع قوانين رادعة وفورية، قد لا تستطيع القوانين منع ما بداخل الإنسان ولكن في الشارع العام وفي المجتمعات الكبيرة وفي المدن والقرى وفي وسائل الإعلام وغيرها قد تمنعها وتحد من إنتشارها، وشئ أفضل من لا شئ.
الله سبحانه وتعالى كرّم الإنسان ومن يتنعصر ضد إنسان ويزدريه بسبب لونه أو شكله أو أي شئ فيه لم يعجبه، فهو بذلك يخالف تعاليم من خلقه ومن خلق الكون، أي أن هذا الخلق الذي خلقه الله سبحانه وتعالى ليس سوياً عنده وبالتالي أن الخالق لم يخلقه جيداً وهو أمر شنيع وفظيع ولا يقبله العقل والمنطق والدين والإنسانية.
الإنسان لا يملك شيئاً تجاه الإنسان الآخر لأنه لم يخلقه ولا يتحكم في مصيره وفي رزقه وفي حياته، فكل الأمور لله وحده، يفعل ما يشاء بغير حساب، شكل الإنسان لا يهم الله كثيراً وبالتالي على البشرية أن لا تهتم أيضاً بذلك، وأن لا تكون ذريعة لإذرداء وكره ومقت وتبخيس أخيه الإنسان.
الإنسان بإنسانيته وبتعليمه وبمعاملته وبأخلاقه وبمدى قبوله لدي الآخرين، من يرى عنصرية ما ويسكت عنها فهو شريك أصيل في هذه الجريمة، علي الجميع التكاتف من أجل محاربة هذه الآفة الضارة.
قولوا معي وبصوت عالي (لقد خلقنا الله أحراراً سنعيش أحراراً وسنموت أحراراً)، ومعاً ضد العنصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق