كما
هو معروف في معظم الكتب والمراجع الخاصة بالتاريخ الإنساني والتراث فتعريف
الحضارة هي أنها نظام إجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه
الثقافي، وإنما تتألف الحضارة من عناصر أربعة (الموارد الاقتصادية، والنظم
السياسية، والتقاليد الخلقية، ومتابعة العلوم والفنون)، وهي تبدأ حيث ينتهي
الإضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمِنَ الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه
دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية
تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وإزدهارها.
ترتكز الحضارة على البحث العلمي والفني التشكيلي بالدرجة الأولى، فالجانب العلمي يتمثل في الابتكارات التكنولوجيا وعلم الإجتماع.
أما الجانب الفني التشكيلي فهو يتمثل في الفنون المعمارية والمنحوتات وبعض الفنون التي تساهم في الرقي.
فالفن والعلم هما عنصران متكاملان يقودان أي حضارة.
وفي
اللغة العربية هي كلمة مشتقة من الفعل حضر، ويقال الحضارة هي تشيد القرى
والأرياف والمنازل المسكونة، فهي خلاف البدو والبداوة والبادية، وتستخدم
اللفظة في الدلالة على المجتمع المعقد الذي يعيش أكثر أفراده في المدن
ويمارسون الزراعة على خلاف المجتمعات البدوية ذات البنية القبلية التي
تتنقل بطبيعتها وتعتاش بأساليب لا تربطها ببقعة جغرافية محددة، كالصيد
مثلاً، ويعتبر المجتمع الصناعي الحديث شكلاً من أشكال الحضارة.
تعتبر
لفظة حضارة مثيرة للجدل وقابلة للتأويل، واستخدامها يستحضر قيم (سلبية أو
ايجابية) كالتفوق والإنسانية والرفعة، وفي الواقع رأى ويرى العديد من أفراد
الحضارات المختلفة أنفسهم على أنهم متفوقون ومتميزون عن أفراد الحضارات
الأخرى، ويعتبرون أفراد الحضارات الأخرى همجيين ودونيين.
ويذهب
البعض إلى إعتبار الحضارة أسلوب معيشي يعتاد عليه الفرد من تفاصيل صغيرة
إلى تفاصيل أكبر يعيشها في مجتمعه ولا يقصد من هذا إستخدامه إلى احدث وسائل
المعيشة بل تعامله هو كإنسان مع الأشياء المادية والمعنوية التي تدور حوله
وشعوره الإنساني تجاهها.
ومن
الممكن تعريف الحضارة على أنها الفنون والتقاليد والميراث الثقافي
والتاريخي ومقدار التقدم العلمي والتقني الذي تمتع به شعب معين في حقبة من
التاريخ.
إن
الحضارة بمفهوم شامل تعني كل ما يميز أمة عن أمة من حيث العادات والتقاليد
وأسلوب المعيشة والملابس والتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية ومقدرة
الإنسان في كل حضارة على الإبداع في الفنون والآداب والعلوم.
وللتعرف على حضارات الشعوب تُدرس العناصر التالية:
- طرق العيش والظروف الطبيعية.
- الوضع الإقتصادي.
- العلاقات الإجتماعية بين فئات المجتمع.
- أنظمة الحكم السائدة.
- الإنجازات العلمية والثقافية والعمرانية.
قسّم أستاذ العلوم السياسية صامويل هنتنجتون حضارات العالم الحالية إلى تسعة مناطق نفوذ ثقافي وهي:
الحضارة
الغربية ذات الخلفية الثقافية المسيحية الغربية بشكليها الكاثوليكية -
البروتستانتية، تمتد هذه الحضارة من أوروبا الغربية إلى دول البلطيق،
وأنغلو-أمريكا، وأستراليا، ونيوزيلاندا وإسرائيل.
تقوم
هذه الحضارة على أساسين ومصدرين هما الحضارة اليونانية - الرومانية
والديانة المسيحية، حيث تحدد الثقافة الغربيّة بأبعاد ثلاثة: الديانة
المسيحية، القانون الروماني، والنزعة الإنسانية في الفلسفة اليونانية.
النتاج التاريخي والثقافي لكل من عصر النهضة والثورة الصناعية أعطى مقومات منفردة وخصوصية لهذه الحضارة.
الحضارة
الأمريكية اللاتينية تتشابه هذه الحضارة مع الحضارة الغربية كونها منطقة
تستخدم فيها في المقام الأول اللغات الرومانسية (أي ألتي إشتقت من اللغة
اللاتينية) خصوصا" الأسبانية والبرتغالية، والفرنسية بنسب مختلفة وكون
الرومانية الكاثوليكية هي الديانة المهيمنة فتسمى أيضا" بأمريكا اللاتينية.
لكن
لكونها منطقة فيها العديد من الأنساب والجماعات العرقية يجعلها ذلك منطقة
فيها تنوعا" عرقيا" وثقافيا" مما يعطيها خصوصيّة ثقافية منفردة.
الحضارة اليابانية يدرج أغلب الباحثين الحضارة اليابانية كحضارة منفردة بسبب خصوصيّة الثقافة اليابانيّة.
في حين يدرج أقلية من الباحثين الحضارة اليابانية كجزء من حضارة الشرق الأقصى.
الحضارة الصينية يدرج أغلب الباحثين الحضارة الصينية كحضارة منفردة وذات خصوصية ثقافية مميزة.
من جذور وأساسيات الحضارة الصينية هي الفلسفة الكنفشيوسية.
تمتد حدود الحضارة الصينية من الصين إلى تايوان وشبة الجزيرة الكورية وسنغافورة وفيتنام.
الحضارة الهندية هي الحضارة ذات الأساس الهندوسي وتمتد من الهند إلى النيبال وموريشيوس.
تعتبر هذه الحضارة واحدة من أقدم الحضارات الإنسانيّة وهي مشبعة بالتقاليد والفلسفة والثقافة الهندوسية.
الحضارة
الإسلامية وهي الحضارة التي تمتد بين البلدان ذات الأغلبية المسلمة والتي
ترتبط من الناحية التاريخية والحضارية والإجتماعية في الإسلام.
تمتد هذه الحضارة بين منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وآسيا الوسطى، وباكستان، وبنغلادش، وإندونيسيا وماليزيا.
تنفرد هذه الحضارة بخصوصية ثقافية أساسها دين وتعاليم وتراث الإسلام.
اللغات الأكثر انتشارًا في حدود هذه الحضارة اللغة العربية والفارسية والتركية واللغة الماليزية.
الحضارة
المسيحية الأرثوذكسية تمتد هذه الحضارة بين الدول ذات الغالبية
الأرثوذكسية والحضارة المسيحية الشرقية المشتركة والتي ترتبط من الناحية
التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية.
تمتد الحضارة الأرثوذكسية من روسيا إلى أوكرانيا، والقوقاز، والبلقان، واليونان وقبرص.
أساس ومركزية هذه الحضارة تراث الإمبراطورية البيزنطية والأرثوذكسية الشرقية.
اللغات المنتشرة في هذه المنطقة الحضارية هي اللغات السلافية، واللغة الرومانية، واليونانية، والأرمنية والجورجية.
الحضارة الأفريقية تمتد حدود هذه الحضارة إلى أفريقيا جنوب الصحراء.
تتميز هذه الثقافة الأفريقية بإستجابات معقدة تجاه الإستعمار والإمبريالية الأوروبية.
بدءاً من أواخر التسعينات من القرن الماضي يحاول الأفارقة تأكيد هويتهم الخاصة.
تشترك شعوب هذه الحضارة بذاكرة ثقافية خاصة.
الحضارة البوذية تنتشر هذه الحضارة في عدد من دول الهند الصينية.
حيث أن مركزية هذه الحضارة هي تعاليم وتراث بوذا والديانة البوذية ومذاهبها تيرافادا وهينايانا.
تمتد حدود الحضارة البوذية في تايلندا، وكمبوديا، ولاوس، وبورما، وسريلانكا، وبوتان، ومنغوليا.
أبدى الفلاسفة والمؤرخون وعلماء الآثار القديمة أسبابًا كثيرة لقيام الحضارات وإنهيارها.
وقد
شبَّه جورج و. ف. هيجل الفيلسوف الألماني في أوائل القرن التاسع عشر
المجتمعات بالأفراد الذين ينقلون شعلة الحضارة من واحد إلى الآخر، وفي رأي
هيجل، أنه خلال هذه العملية تنمو الحضارات في ثلاث مراحل:
1- حُكْم الفرد.
2- حُكْم طبقة من المجتمع.
3- حُكْم كل الناس.
وكان هيجل يعتقد أن هذا النسق تسفر عنه الحرية في آخر الأمر لجميع الناس.
كان الفيلسوف الألماني أوزوالد سبنجلر يعتقد أن الحضارات مثلها مثل الكائنات الحية تولد وتنضج وتزدهر ثم تموت.
وفي كتابه انحدار الغرب (1918 - 1922م) ذكر أن الحضارة الغربية تموت، وسوف تحل محلها حضارة آسيوية جديدة.
وعرض المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي نظريته عن التحدي والاستجابة في كتابه دراسة التاريخ1 (1934ـ 1961م).
كان توينبي يعتقد أن الحضارات تقوم فقط حيث تتحدى البيئة الناس، وحينما يكون الناس على إستعداد للاستجابة للتحدي.
على سبيل المثال، فإن الجو الحار الجاف يجعل الأرض غير مناسبة للزراعة ويمثل تحديا" للناس الذين يعيشون هناك.
ويمكن أن يستجيب الناس لهذا التحدي ببناء أنظمة ري لتحسين الأرض.
ورأى توينبي أن الحضارات تنهار حينما يفقد الناس قدرتهم على الإبتكار.
ويذهب
معظم علماء الآثار القديمة إلى أن بزوغ الحضارات يرجع إلى مجموعة من أهم
الأسباب تشمل البناء السياسي والإجتماعي للحياة والطريقة التي يكيف بها
الناس البيئة المحيطة بهم والتغيرات التي تطرأ على السكان.
وفي كثير من الحالات، يمكن أن تظهر الحضارات لأن رؤساء القبائل المحليين اتخذوا خطوات متعمدة لتقوية نفوذهم السياسي.
ويعتقد كثير من العلماء أن سوء إستخدام الأرض والمصادر الطبيعية الأخرى أسفرت عن الانهيار الاقتصادي والسياسي للحضارات الأولى.
تطور الحضارات القديمة
حضارات العالم القديم (الأفريقية – الأوروآسيوية)
حضارة سومر "الحضارة السومرية في العراق" (5300 – 2000 ق م)
حضارة وادي السند وشبه القارة الهندية (3500 ق م – وحتى الوقت الحاضر)
حضارة المصريين القدماء (3200 – 343 ق م)
حضارة عيلام في إيران اليوم (2700 – 539 ق م)
الحضارات الكوشية النوبية في السودان (2400 ق م - 300م)
حضارة الكنعانيين في فلسطين (2350 ق م – 102 م)
الحضارة الصينية (2200 ق م – وحتى الوقت الحاضر)
الحضارة الإغريقية "اليونانية" (2000 – 146 ق م)
الحضارة الكورية (900 ق م – حتى الوقت الحاضر)
حضارة الأتروسكان والرومان القدماء (900 ق م – 500 م)
عيلام (2700 - 539 ق م)
مملكة ماني (القرن العاشر - القرن السابع ق م)
دولة ميديا (718 ق م - 550 ق م)
الامبراطورية الإخمينية (550 - 330 ق م)
الدولة السلوقية (323 - 150 ق م)
الدولة البارثية (250 ق م- 226 م)
الدولة الساسنية (226 - 659).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق