- بالرغم من دخول رياضة كرة القدم إلى السودان منذ عهد مبكر ربما يفوق المائة عام مع الإنجليز.
وبالرغم من تأسيس الإتحاد الأفريقي لكرة القدم "كاف" من قبل السودان ومصر وجنوب أفريقيا وإثيوبيا في العام 1956م.
وبالرغم من تنظيم أولى بطولات كأس الأمم الأفريقية في السودان في العام 1957م.
وبالرغم من فوز المنتخب السوداني ببطولة الأمم الأفريقية في العام 1970م بالخرطوم.
وبالرغم من مشاركات الأندية السودانية المختلفة خاصة "الهلال والمريخ" في بطولات الكاف.
وبالرغم من أقدمية السودان رياضياً في أفريقيا، إلا أن السودان هو أكثر بلد متخلف في هذا المجال "الرياضي" وفي كافة المستويات، ويستحق السودان المركز الأخير في مجال كرة القدم بكل جدارة وإستحقاق.
- الجانب الإداري في السودان هو الأسوأ على مستوى العالم أجمع، وكل المشاكل والتخبطات التي سنقوم بحصرها وسبر أغوارها يتحملها الجانب الإداري بطريقة مباشرة، ولو تمعنت النظر وإسترقت السمع في من يديرون النشاط الرياضي في السودان فستجدهم يمتلكون المال والجاه والنفوذ ومسيسون من قبل تنابلة السلطان وحكام الدولة.
الفكر الإداري عندهم لا يتجاوز نسبة الواحد بالمائة إذا وجد أصلاً، ربما هم أقل الناس علماً ومعرفة في المجتمع ببواطن الأمور، لكنهم أمتلكوا المال والجاه والنفوذ وهنا ينطبق عليهم المثل الشهير "كريم أدى غشيم"، وبين ليلة وضحاها أصبحوا يديرون إتحاد الكرة في السودان، وكذلك أندية المقدمة وأندية الوسط والمؤخرة في السودان.
والدليل القاطع على فشلهم الذريع هو تذيلنا رياضياً في كافة البطولات الإقليمية والقارية، أما عالمياً فليس لدينا مكانة عندها وربما لن نكون.
الإداري في السودان يتعاطي حبوب "خيار فقوس" بشراهة ونهم، ويعمل بنظرية المجاملات والمؤامرات، الرجل الغير مناسب في المكان المناسب هو ديدن الإدارة الخربة والمهترئة في السودان.
الإدارة عند هؤلاء مجرد وجاهة إجتماعية ليس إلا، لا يأتي إداري رياضي وهو يحمل خططاً مستقبلية، وبرنامجاً إحترافياً ومغايراً لتطوير الإتحاد أو النادي أو المجتمع الرياضي ولو قليلاً، ولا يعرف ما معنى الخطط قصيرة المدى أو طويلة المدى.
بل لا يعرف حتى أبجديات الإدارة ومصطلحاتها دعك من مكنوناتها، لذا الرياضة في السودان وخاصة كرة القدم بإعتبارها الرياضة الشعبية الأولى عالمياً تغرق في محيط من التخبط والعشوائية والدونية بدون منقذ.
- الجانب الإعلامي في السوداني ربما هو أس وأساس الكارثة، فعلينا جميعاً أن نتخيل أن عدد الصحف الرياضية اليومية في السودان أكثر من 10 صحف، هذا خلاف الصفحات المتخصصة للرياضة في الصحف السياسية والإجتماعية والإقتصادية الأخرى، وهذا يعني بالطبع أننا أمام أكثر من 40 صحيفة يومية تتحدث عن الرياضة في السودان، وهذه الصحف منقسمة بالتساوي ما بين الهلال والمريخ.
والصحفي السوداني بطبيعة الحال لا يختلف عن المشجع السوداني في شئ بل هو أقل منه، فجُل مقالاته بها خواء فكري، وكليمات مضحكة، وضحالة صحفية، وإمكاناته الصحفية محدودة، ويكتب ليسترزق فقط لا غير "أي يكتب للشخص الذي يدفع له أكثر من قبل إدارة الناديان الغنيان جداً".
عدد الصحف التي نراها في الشارع السوداني عبارة عن قمامة من الكلمات والأخبار الكاذبة والمفبركة وأكثرها غير منطقية، وهنالك لوبيات صحفية تُملي على الصحف والصحفيين ما يريدونه وما لا يريدونه "أي أن حرية الرأي والرأي الآخر والتعبير للصحفي معدومة تقريباً".
يوماً ما لم يكتب صحفي عن سلبيات وإيجابيات الكرة السودانية أو ناديه الذي يشجعه إلا من رحمه الله، كل المكتوب عبارة عن إستهزاء وإستخفاف بالفريق المنافس لفريقه، كلام لا يسمن ولا يغني من جوع، مقالات محفوظة للكل، وساقية جحا تدور وتدور، ولا شئ يلوح في الأفق كي يأخذ معه الرياضة السودانية لبر الأمان والإطمئنان.
- في الجانب التدريبي بالسودان نجد أن معظم المدربين لا يحملون شهادات تدريبية معترفة بها حتى قارياً، دعك من العالمية، والمدرب الأجنبي يتم إختياره على حسب رغبة سماسرة الكرة ويكون غير مؤهلاً ولم يدرب نادياً معروفاً لفترة طويلة جداً.
ودائماً ما يتدخل الإداريون في قرارات المدرب المحلي أو الأجنبي في خططه ويأمرونه مباشرة بل ويضعون له التشكيلة في بعض المرات، وهاك يا مجاملات، ولا يتم منحه الوقت الكافي لبناء الفريق ووضع رؤيته وخططه وبصماته، فقط هو مطالب بالنتائج الإيجابية.
ودائماً ما يتدخل الإداريون في قرارات المدرب المحلي أو الأجنبي في خططه ويأمرونه مباشرة بل ويضعون له التشكيلة في بعض المرات، وهاك يا مجاملات، ولا يتم منحه الوقت الكافي لبناء الفريق ووضع رؤيته وخططه وبصماته، فقط هو مطالب بالنتائج الإيجابية.
والعادة يا سادة يتم تغيير المدرب بعد 5 أو 6 لقاءات على حسب النتائج، ولو كان محظوظاً سيباشر عمله الفني حتى نهاية الموسم.
- المدارس السنية الكروية في السودان غير موجودة أصلاً، وهو جانب أساسي ورئيسي وهام لتعليم البراعم والناشئين أسس وقواعد كرة القدم، وصقل موهبتهم لتغذية الأندية والمنتخبات الوطنية.
فلو وجدت هذه المدارس كنا سنرى لاعبين من السودان وهم في سن الــ 20 يلعبون في أقوى الدوريات القارية وحتى العالمية كما يفعل الأفارقة ودول أمريكا اللاتينية والأوروبيون بالطبع، والمنتخب الأم كان سيستفيد من إحترافهم هذا، وربما وجدناه يقدم السهل الممتنع حتى في المونديالات، ولكن لن يحدث هذا الأمر في السودان قبل أقل من مائة عام.
- جانب الدولة وأقصد هنا رئاسة الجمهورية وكذلك وزارة الشباب والرياضة فإن آخر إهتماماتهم هي الرياضة وخاصة كرة القدم، فهم في وادي آخر يهيمون والشعب والبلاد في وادي آخر، لذا فالحديث عنهم مضيعة للوقت والجهد والفكر، فهم لا يستطيعون حتى إدارة رئاسة حي سكني أو زرائب للبهم، بل هم أفشل من مشوا على وجه الأرض.
- جانب اللاعبين أيضاً جانب هام وحيوي، فاللاعب السوداني بالرغم من أمكانياته الفنية المتوسطة، إلا أنه سريع التأثير بالعوامل المحيطة به ولاعب مزاجي حتى النخاع.
وطموحات اللاعب السوداني عامة هو اللعب لأحد أندية القمة "الهلال والمريخ"، وإمتلاك منزلاً جميلاً، وسيارة فارهة، وبعض الأموال والممتلكات، والإهتمام بحديث الصحف والصحفيون عنه، وهذا يعني له الكثير، ومع كل هذا النعيم والشهرة فلا يهمه إذا تقدم فريقه أو منتخبه في الإستحقاقات التي يشارك بها من عدمه.
وعمر اللاعب السوداني فنياً في الملاعب محدود لا يتعدى الـــ 5 أعوام، كما أنه لا يمر بالمراحل السنية المختلفة، ولا يملك ثقافة الفوز بالبطولات الخارجية، ولعبه مزاجي كما قلنا سابقاً ولياقته الذهنية محدودة جداً، وسريع الإنفعال ويستجيب للإستفزازات داخل الملعب وخارجه من خصومه، ولا يطبق تكتيكات المدرب في حالات الفوز أو تعديل النتيجة بالصورة المطلوبة، ورغبته في الإحتراف الحقيقي ضئيلة جداً.
كما أنه لا يساهم فنياً وبطريقة إيجابية في اللعب الجماعي والممرحل، والروح القتالية وإرادة الفوز عنده قليلة مقارنة باللاعبين الأفارقة أو حتى لاعبي شمال أفريقيا، فاللاعب السوداني لا يستطيع ترك لعبه الذي جلبه معه من الدوريات الدنيا في البلاد.
كما أنه ينسى أو يتناسى أنه يلعب في بطولات الأضواء داخل وخارج بلاده، ويتأثر بصورة سلبية عندما يتم مدحه أو ذمه في وسائل الإعلام المتنوعة، أي أنه لاعب هــاو في كل الأحوال ولا يملك ربع أمكانات اللاعب المحترف.
- من الجوانب التي تساهم في تخلف كرة القدم في السودان ناديي "الهلال المريخ"، فلهم أيضاً نصيب وافر من العشوائية والرجعية والتخلف الكروي في السودان، فهما من أكثر الأندية في الشرق الأوسط وأفريقيا ثراءاً ونفوذاً، ويمتلكان كل مقومات الفرق الكبرى عدا الجانب الفني داخل الميادين.
والشعب السوداني منقسم بينهما، في ميركاتو التسجيلات الناديان يغريان جُل نجوم وإدارات الأندية الأخرى في السودان بالمال الوفير لتسجيل أفضل اللاعبين لديهم، بل يخوضان معارك شرسة فيما بينهما لتسجيل لاعب الفريق الآخر وترك الفريق الآخر بدون نجوم، والإدارة تتباهى بهذا المسلك الصبياني.
ومع كل ذلك يلعبان دور الكومبارس في البطولات الخارجية وأقصد هنا بالطبع "دوري أبطال أفريقيا وكأس الكونفيدرالية"، فنتائج الفريقين يندي لها الجبين، وهذا شئ وارد طالما هنالك إدارات وإعلام ولاعبين ومدربين غارقون في الجهل والظلام والأمية والمجاملات، وطالما يهتمون بسفاسف الأمور، وطالما يلعبان من أجل التلميع الإعلامي فلن تجلب المنتخبات والفرق السودانية بطولات قارية وعالمية أبداً.
- جانب الملاعب والمنشآت في السودان جانب رديئ ومتخبط وعشوائي ومخجل، فلا يوجد حتى الآن ملاعب بمواصفات عالمية بالسودان، وهي ملاعب أكل منها الدهر وشرب وسكر ونام وهرب، بل هنالك أندية تلعب في الدوري الممتاز السوداني تستأجر الملاعب من أندية أخرى، والمنشآت الرياضية الأخرى كملاعب التدريب، وملاعب الناشئين، والملاعب الأوليمبية غير موجودة بالمرة.
- النقل التلفزيوني في السودان لم يتغير ويتطور منذ العام 1960م تقريباً، الشركات التي تقوم بالتصوير والنقل ربما غير موجودة، فلا يمكننا أن نصور لقاءاً كاملاً بكاميرا واحدة أو أثنتين، بينما جيراننا في شمال أفريقيا والخليج العربي يستخدمون أكثر من 10 كاميرات وهي كاميرات حديثة فائقة التصوير والدقة، وتركب في كل زوايا الملعب.
وجانب التصوير مهم لتوثيق اللقاءات ولمعرفة اللاعبين عن قرب ولأمور فنية أخرى، وكذلك لأمور تسويقية وتجارية وإعلامية، ولكن في السودان هذا الجانب لا يهتم به أحد.
- كيف ستتقدم الرياضة في السودان وخاصة الرياضة الشعبية الأولى في العالم إذا كان موسمنا الرياضي مقلوباً؟! فنحن نبدأ من حيث إنتهى العالم، ولذا دائماً إتسائل لماذا نحن في المؤخرة بين الأمم؟! والجواب نجده عند موسمنا المقلوب والمغلوب؟!!!.
لو تم تصحيح المسار الرياضي في السودان بمعدل عشرة بالمائة في السودان من خلال الجوانب التي تخص الإداريين والمدربين واللاعبين والإعلاميين والأندية وغيرهم ربما حينها فقط سننافس في البطولات الإقليمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق