ليس إستفساراً مني لمعرفة الرد عن إستفساري؟ القاهرة بكل ما لها وما عليها، تعتبر دولة قائمة بذاتها وليست مجرد عاصمة فهي دولة عركت التاريخ والجغرافيا والبيئة كما عركتها التاريخ والجغرافيا والبيئة، ولا يجوز مقارنة القاهرة بأية مدينة أخرى في العالم إلا القلة القليلة منها.
من السذاجة أن تأتي إلى القاهرة وتتخذ قراراً بأنها مدينة عادية ككل المدن في أديم الأرض، فبذلك قد ظلمت نفسك وظلمت القاهرة وظلمت المدن الأخرى، إيقاع الحياة في القاهرة مختلف وفريد من نوعه وطبعه، وطبيعي أن يكون مختلفاً ومغايراً، فكيف لمدينة مرت بكل مراحل التاريخ الإنساني ولقرابة السبعة آلاف عاما أن لا تختلف؟!!.
لو كنت ملماً بمكنونات وفلسفة التاريخ فستجد كل ذلك في هذه المدينة المسماة بالقاهرة، عفواً بالدولة المسماة بالقاهرة، فمنذ بزوغ شمس الحضارات كانت القاهرة حاضرة بكل سهولة، وما عليك إلا أن تخطو الخطوات تلو الأخرى داخل المدينة وأطرافها لتعرف ذلك، ولتتأكد بنفسك، ولا تدع أحداً يحدثك أكثر من المعالم والشوارع والشواهد.
الحضارة الفرعونية القديمة والبطلمية والنوبية وحضارة بلاد فارس وحضارة ما بين النهرين والحضارة الإغريقية والرومانية والقبطية والإسلامية المبكرة والأموية والعباسية والطولونية والإخشيدية والأيوبية والفاطمية والمملوكية والعثمانية والفرنسية وحكم أسرة محمد علي باشا والبريطانية ووصولاً للعصر الحديث كلها حضارات وحكومات وممالك وكنوز مرت بدولة القاهرة وتركت وراءها آثاراً هامة وأساطير تاريخية وإنسانية، كما تركت أممها حتى أن المرء يلاحظ كل الوجوه في الشارع المصري القاهري.
هي دولة الإهرامات، ودولة إبي الهول، والقطائع، وحصن بابليون، وقلعة صلاح الدين، والقاهرة الإسلامية في الحسين، وهي مدينة الألف المئذنة، وهي الدولة الصديقة أو الوفية لنهر النيل، وللقناطر الخيرية، هي قاهرة أخبار اليوم والأهرامات والجمهورية والأخبار وروز اليوسف.
وهي دولة دار المعارف ودار غريب ودار النهضة العربية، ودولة الأهلي والزمالك والمقاولون العرب والترسانة ووادي دجلة والجزيرة، ودولة إستاد القاهرة وإستاد القوات المسلحة والجبل الأخضر.
هي دولة دار الأوبرا، ومسارح وسط البلد والهرم، وهي دولة سينمهات ميامي وميترو وريفولي ورينيسانس، وهي دولة كارفور وسيتي ستار ومول العرب.
هي دولة شوارع عبد العزيز ومحمد فريد والجمهورية وعدلي وقصر النيل والتحرير وطلعت حرب وشامبليون وكلوت بيك والفلكي ونوبار وبورسعيد، والسودان والجيزة والجلاء وشريف بيك وأحمد عرابي.
وهي دولة ميادين طلعت حرب ومحمد فريد ومصطفى كامل والإسعاف وسفنكس ولبنان ومصطفى كامل وروكسي وحليم بيك ورمسيس وميدان الجمهورية.
وهي دولة العلم والعلماء في جامعات الأزهر وعين شمس والقاهرة وحلوان و6 أكتوبر، وهي دولة الفنون والسينما والقنوات الفضائية والصحف والمجلات، وهي دولة المتاحف والحدائق والمطاعم والشركات والمطارات والمترو والسكك الحديدية.
وهي دولة الأحياء الراقية في الزمالك والمهندسين والعجوزة والهرم وقاردن سيتي ومصر الجديدة ومدينة نصر والمعادي والمقطم، ودولة الأحياء المتوسطة كعابدين والدقي والجيزة والعباسية والزيتون والدمرداش والسيدة زينب، وهي دولة الأحياء الشعبية كدار السلام ومصر القديمة وأمبابة وشبرا وفيصل وأرض اللواء.
بإختصار ولكي لا ننسى أي شئ، إذا كنت في القاهرة، فلا تترك فرصة الحياة فيها تمر بلا معنى، ومتع نفسك بكل ما فيها، وكن صديقاً للقاهرة كما هي، لأنها رائعة كما هي، القاهرة دولة داخل مدينة وليست مدينة داخل دولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق