سيكون من الجنون إذا فكرنا أو إقترب تفكيرنا أن الأعراب من الخليج إلى المحيط بإمكانهم أن يكونوا ديمقراطيون مثل نظرائهم في دول العالم الأول، والأسباب والمسببات في تفكيرنا الجنوني هذا كثيرة وربما يعرفها البعض أو يفهمها أو قريب من فهمها.
البيئة التي يربى فيها العربي منذ الصغر لا تساعد بتاتاً على ديمقراطية ذلك الشخص بدءاً من البيت الصغير مروراً بالمجتمع والشارع والبلد، والقيود التي تفرضها الأسرة الصغيرة عليه تحيده عن كل معاني ومفاهيم الديمقراطية.
النظام الإجتماعي في الشرق الأوسط نظام قاسي وجاف في حق الإبن والبنت والمرأة وكل أفراد الأسرة، إطاعة الأوامر لكبير الأسرة حتى لو كانت أوامر خاطئة وتضر بالأسرة والمجتمع لا مكان للإعتراض أو النقاش، إذاً الديمقراطية هنا لا طريق لها.
في مدارسهم وفي أسواقهم وفي أقسامهم الخاصة وحتى في دور القضاء الخاصة بهم وفي شوارعهم وفي مطاعمهم وفي محطاتهم وفي مطاراتهم وفي كل أماكن تواجدهم لا توجد أدنى مبادئ الديمقراطية، إذاً الحديث عن الديمقراطية للإنسان العربي مجرد كلمات واقوال لا تترجم إلى أفعال بأرض الواقع.
الديمقراطية الحقيقية عبارة عن ثقافة وعن تطبيق لمبادئ الحرية في جميع مناحي الحياة، تنطبق وتطبق روح الديمقراطية على الكبير والصغير، وعلى الغني والفقير، وعلى المتعلم وغير المتعلم، وعلى المتدين وعلى غيره، الديمقراطية عبارة عن دماء تجري في عروق من يفهمها ويتعايش معها.
الحكومات العربية التي تتشدق بالديمقراطية هي أبعد الشرائح عن الديمقراطية، بل ديمقراطيتهم في وادي وديمقراطية الدول التي تتمتع بها فعلياً في وادٍ آخر، وهم يعلمون ذلك ولكن لا يستطيع أحد الرد عليهم لأن مصيره سيكون مجهولاً حتى يوم البعث.
فالديمقراطية والحرية ليس بالضرورة أن تكون حرية في كيفية إشباع الرغبات للإنسان كما يفكر الأعراب دوماً، وهي ليست بالضرورة فعل ما يريده الفرد في أي وقت وفي أي مكان، هكذا نكون قد ظلمنا الديمقراطية وحصرناها في زاوية ضيقة، فالديمقراطية مقننة بقوانين تكاد تكون مقدسة، أي أن إحترام القانون وروحها في الدولة الديمقراطية هي أم الديمقراطية، وإحترام الغير وثقافته وعاداته وتقاليده وحتى معتقده الديني هو مكنون الديمقراطية.
حرية الفرد في إختياره لمن يراه مناسباً في كل مناصب ومواقع الحكومة المحلية والشركات والمؤسسات من متطلبات الديمقراطية الحقيقية، فالصندوق هو الحاكم الفعلي لذلك، وحتى من يختار من جموع الناس في أرفع المناصب سيكون معنياً بقوانين تردعه في حال جنوحه عن الطريق القويم.
حتى فهمنا لهذه الديمقراطية خاطئة في بلادنا العربية، فالعربي بصورة عامة يصعب قبوله لإنسان آخر لا ينتمي لبلده أو قبيلته أو عشيرته ويرى نفسه الأفضل وغيره لا شئ، ويحب التملك والتملق، والحرية بالنسبة إليه مجرد فوضى خلاقة، فهو إنسان صلف وجلف ومغرور والجهل يجري في عروقه مجري الدم، فلا يمكن أن يجتمع الجهل والديمقراطية.
إنتقال العرب نحو الديمقراطية مجرد خيال في خيال جال بخاطري أردت إخراجه والتنفيس عنه لعل هذا الإنتقال سيحدث بعد ألف عام ربما من يدري؟!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق