غنى الملك محمد منير أنا قلبي مساكن شعبية، وغنى العملاق سيد مكاوي الأرض بتتكلم عربي، ولكن هل قلوبنا مساكن شعبية؟ وهل تكلمت الأرض باللغة العربية؟.
خرجت الشعوب العربية من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة أواخر العام 2010م وبدايات العام 2011م في معظم الأقطار العربية بدءاً من ثورة الياسمين البوعزيزية في تونس ثم مروراً بثورة 25 يناير المصرية ولحقت عدة دول عربية أخرى بقطار الربيع فمر هذا القطار بليبيا واليمن والجزائر والمغرب والسودان وجيبوتي والعراق والبحرين والسعودية وسوريا والأردن وحتى فلسطين ولم يصل القطار حتى الآن للمحطة الأخيرة.
في تونس زين العابدين بن علي هرب، وفي ليبيا معمر القذافي إقتلع وقتل، وفي اليمن على عبد الله صالح ترك الجمل بما حمل، وفي سوريا بشار الأسد يستأسد، وفي السودان عمر البشير يواصل التطهير، وفي العراق نوري المالكي يمتلك زمام الأمور، وفي الأردن الملك عبد الله بن الحسين كما هو، وفي المغرب نشاط ملكي لمعالجة بعض الأخطاء البرلمانية، وفي البحرين آل سلمان ليسوا في أمان، وفي السعودية أقاليم الشرقية ليست كالوسطى والغربية، وفي فلسطين إحتار العدو قبل الصديق.
لكن ما رأيناها وسمعناها وقرأناها من أحداث وإحتجاجات وعبر وسائل الإعلام المختلفة أيقنت وربما أيقن كثيرون غيري أن هذه الثورات المستحقة للشعوب العربية لم تصل بعد لمرحلة النضوج المتوقعة ولم تصل رحلة القطار بعد شواطئ وسواحل جزيرة الديمقراطية التي كنا وما زلنا وسنظل ننتظرها حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً، لا جديد يذكر ولا قديم يعاد.
الأحوال في دول الربيع العربي أسوأ من ذي قبل، في تونس مهد الثورة نشاهد الإنقسامات والإغتيالات فقط ولم نشاهد ما كان يريده البو عزيزي، وفي مصر حصلت ثورة ضد الرئيس المنتخب في عامه الأول فقط وما يزال الوضع كما هو من سيئ لأسوأ، الحديث عن سوريا يطيل ويطيل فلا الحكومة تريد التنازل عن الكرسي الوثير ولا المعارضة تمتلك حلولاً جذرية لمعالجة الدمار والخراب والفوضى التي غرقت فيها سوريا حد النخاع، حتى خروج الأسد من الحكم وإستلام المعارضة حكم سوريا لن يعيد البلاد والعباد كما كانت من قبل.
الحديث عن السودان ربما يختلف قليلاً كإختلاف النيل عن الصحراء، فالشعب السوداني درج على الثورات الشعبية منذ خمسينيات القرن الماضي فهو معلم الشعوب والسوداني بطبعه أكثر ديمقراطية من غيره من الشعوب العربية والتاريخ السوداني فقط هو الشاهد على هذا السرد، وما قادني للحديث عن السودان بهذا الشكل مرتبط بسؤال يدور في ذهني منذ أواخر العام 2010م وهذا السؤال هو: هل الشعب العربي ديمقراطي في ذات نفسه أم يتصنع أم يحاول فقط؟!!.
في وجهة نظري الخاصة الشخص العربي مع كامل إحترامي وتقديري له في ذات نفسه ليس ديمقراطياً إلا القليل منهم، فالديمقراطية عند العربي هي الفوضى والتخريب وفرض الآراء بكل ما هو مشروع أو غير مشروع، الديمقراطية عند العرب هو تغيير الرئيس في أي وقت يريده وكيفما يريده حتى لو جاء بطريقة ديمقراطية، حتى لو كان الدستور واضحاً، والعربي بطبعه يهوي إمتلاك كل شئ بدون وجه حق، والتدخل في أمور لا يعنيه البتة، فالديمقراطية ثقافة وممارسة وتشبع قبل كل شئ.
بالطبع نريد للشعب العربي ولكل شعوب دول العالم الثالث أن تكون في قمة الرقي والديمقراطية والعدالة مثل دول العالم الأول، وأن تكون كل هذه الديمقراطيات المنتظرة هي ديمقراطية حقيقية مكتسبة من أنفسنا ومن مجتمعنا قبل كل شئ.
على الشعوب العربية الإستمرار في قمع الحكومات السادية ومحاسبة كل من ساهم في تخلفهم الواضح والفاضح في كل مناحي الحياة اليومية، وعليهم إقامة ديمقراطيات حقيقية مع أنفسهم قبل إقامة وتنصيب حكوماتهم، وحكم حزب ما لدولة ما لا يعني بالضرورة أن يعمل الحزب لتكريس وجوده فقط، وترك البلاد والعباد للهلاك وللفوضى وللدمار.
وطالما العرب بطبعهم يحبون التملك والتملق وتكريس وجودهم فقط، ففي وجهة نظري الخاصة أن الثورات العربية لن تأتي بجديد أبداً للشعب العربي، وما يهمني هو الشعب المغلوب على أمره، لكن هل سننجح كشعب وكحكومة في معانقة الديمقراطية في المستقبل القريب؟ فالأعراب أشد كفراً ونفاقا، لنترك كل ذلك للأيام والشهور والسنين والدهور والقرون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق