الأربعاء، 7 فبراير 2018

عندما يورث الفن مثل المال والسُلطة؟!

الفن بكل أنواعه المعروفة والمجهولة موجود في كل مكان، في الأرض، وفي السماء، وفي الفضاء الرحب، وفي البحر، وفي البر، وفي الغابات، وفي كل المخلوقات المرئية وغير المرئية، فأعظم الفنانين على الإطلاق هو خالق الفن وخالق كل شئ الله سبحانه وتعالى.
الإنسان يتذوق الفن كما يتذوق مأكله ومشربه، والإنسان يستنشق الفن كما يستنشق الأرياح الذكية وغير الذكية، والإنسان ينظر ويشاهد ويستمع ويحس ويشعر ويستمتع بالفن مثل أي شئ آخــــــر في الحياة.
والفن يقصد به الغناء والرقص والتشكيل والنحت والرسم والإخراج والتمثيل والعزف ...إلخ.
الفنان بطبعه لديه موهبة فطرية تجاه فن ما بعينه أو أكثر ويحتاج فقط للزمان والمكان المناسبين لإطلاق العنان لموهبته للكل، وهنالك فنانون يكتشوف ميولهم الفنية مع تقادم الشهور والسنين أو بمحض الصدفة، وعلى الفنان صقل موهبته ودعمها بالخبرة العملية والأكاديمية وبالإنتاج الغزير والكثير والوفير، وأن يكون واثقاً من عمله ومن نفسه قبل أي شئ آخر.
نلاحظ وبكثرة في الفترة الأخيرة وجود أشباه فنانين دخلوا الفن وخاصة مجالي الغناء والتمثيل عن طريق التوريث أي أن أحد أفراد عائلته من مشاهير الفن في بلد ما في وجه البسيطة.
ربما يكون قريبه ذاك موهوباً ولكنه ليس مثله ولن يكون، ودائماً ما نجدهم في شاشات السينما يقومون بأدوار لا يحق لهم حتى بلعب دور الكومبارس وليس دور البطولة المطلقة وأقرب مثال على هذا الحديث الممثل الهندي أبهيشيك باتشان إبن الأسطورة أميتاب باتشان ولا أعرف لماذا أقحم نفسه في هذا المسار؟ فهو ممثل أكثر من عادي ويعتمد على إسم العائلة ليس إلا، والحديث هنا لا يخص أبهيشيك فقط بل كل من سار على دربه وفي كل دول العالم.
لكن هذا لا يعني أن كل أقارب المشاهير يتسمون بالفشل الذريع بل هنالك نماذج تعتبر ناجحة ولكنها قليلة وشحيحة جداً، ولكن بالمقارنة مع غيرهم تبدو النسبة ضئيلة جداً، ومثال على ذلك نجاح الممثلة الجميلة كارينا كابور وهي أخت الممثلة كريشما كابور وعائلة كابور مشهورة جداً بالنجاح الفني في مجالي التمثيل والإخراج في السينما الهندية "بوليوود".
في مصر أبناء معظم الممثلين والممثلات لم ينجحوا في التمثيل ومن الجنسين ولكن هنالك نماذج بسيطة جداً تعتبر جيدة مثل الممثل كريم عبد العزيز إبن المخرج عمر عبد العزيز فقد نجح نجاحاً باهراً لا مثيل له.
في السودان الأمر مختلف فالدراما السودانية فقيرة جداً ولا توجد غزارة في الإنتاج الفني والدعم السينمائي غير موجود من قبل الحكومة والبيوتات والمؤسسات الفنية والأفراد، ولكن بالمقابل وفي جانب الغناء حدث ولا حرج، فأبناء كبار المطربين والمطربات أو الملحنين دخلوا المجال الفني من خلال أسماء العائلة فقط لا غير، وجُلهم لم يحققوا نجاحات كبيرة، بل الفشل هو ديدنهم، والأمر لا يقتصر على هذا فقط فمن يريد أن يغني أو يشتهر عليه أن يغني أغاني غيره من فناني القرن العشرين وبالكربون.
ما معنى أن يغني فنان لفنان مثله؟ وكيف نطلق على مثل هذا الشخص فناناً؟ ربما يجيد فن التقليد وليس فن الغناء، فلو كان فناناً حقيقياً لما إرتضى لنفسه أن يغني أغاني غيره، وعليه أن يسلك طريقه بنفسه وأن يبني شخصيته الفنية بعيداً عن إسم العائلة وأن يُعرف لدى الناس بأعماله سواء الجيدة أو غير ذلك وعليه أن يضع بصمته التي تخصه فقط لعامة الجمهور.
هنالك أكثر من 20 مقلداً في السودان يقلدون فنان أفريقيا الأول الراحل "محمد عثمان وردي" وهو رقم قياسي عالمي بالتأكيد ولم يسبقهم أحد في هذا الرقم ولن يكون، ولا أعرف ماذا سيستفيدون من ترديد أغاني الهرم الغنائي الراحل؟.
وهنالك مثل شعبي في السودان بهذاالمعنى "سمحة الغنى في خشم سيدها" أي أن الأغنية تكون مسموعة ورائعة ومستساغة في فم صاحبها الحقيقي، وهذا يدل على أن الأغنية المعنية لا يجيدها إلا من غناها أول مرة لأنه هو من غناها وأبدع فيها بالطريقة التي يتغنى بها المقلد وقد عرفه الجمهور بتلك الأغنيات.
 والموضوع لا ينتهي هنا فمعظم الفنانين من ذوي الشهرة والمكانة الفنية لديهم أكثر من ضعف العدد المذكور أعلاه من المقلدين، وسأظل أطلق عليهم لقب "ببغاوات الطرب" إلى أن يشقوا طريقهم بأنفسهم، فلو أراد الشخص أن يستمع لفنان ما بالتأكيد سيستمع إليه مباشرة وبالوسائل المعروفة ولن يستمع إليه عن طريق مقلد أو ببغاء آخر، فهذا أمر لا يقبله العقل والمنطق والقلب ولا حتى المزاج الفني.
الفن لا يورث مثل المال والسلطة والجاه، فالفن موهبة ورسالة خالدة للبشرية جمعاء ويحتاج إلى الصقل والتدريب والإستثمار الناجح، قد ينجح أبناء المشاهير ولكن معظمهم يفشلون ويستمرون في الفشل بدون خجل أو حياء طالما تحفهم الأضواء من كل الأنحاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق