بعد رحيل المخرج المصري القدير يوسف شاهين في العام 2008م أصبحت السينما العربية بصورة عامة والسينما المصرية بصورة خاصة مثل الإبن التائه في غياهب الصحراء ومتاهات الأدغال الكثيفة، لم نعد نشاهد مرة أخرى أفلام ذات محتوى غزير ومضمون عالي تفيد المجتمعات العربية بصورة كبيرة.
للأسف لم نعد نشاهد أعمالاً خالدة مثل الناصر صلاح الدين، حدوتة مصرية، وداعاً بونابرت، المهاجر، المصير، اليوم السادس، إسكندرية كمان وكمان، عودة الإبن الضال، الأرض، باب الحديد، ...إلخ.
غزت السينما المصرية أفلام تجارية بها القليل من الكوميديا والكثير من السخرية والمسخرة والإعتماد الكلي على الإغراء وعلى أجساد الفتيات وعلى الإغواء وتكرار كل ما هو مكرر وبإستراتيجية سخيفة ومملة، أصبح الإهتمام الفني إهتمام مادي بحت وإن كانت المادة مطلوبة وبشدة إلا أنها ليست كل شئ ولن تكون كل شئ.
من يشاهد أفلام مثل على واحدة ونص، بون سواريه، البار، شارع الهرم، ...إلخ، لن يشاهد روايات جديدة أو أفلام تحكي روعة الإخراج أو السيناريو الواقعي والبسيط، هذه الأفلام تدور حول فلك الرقص ثم الرقص ثم الرقص ثم الإغراء والتي تبرز أجساد البطلات بطريقة تبين لنا مدى المستوى المتدني الذي وصلنا إليه في البلاد العربية، وكأن السينما الهادفة أصبحت تدعو كل الناس للرقص وللسهر في مراتع السهر والإنشغال بسفاسف الأمور وترك كل ما هو مهم وضروري.
ومن يشاهد أفلام مثل أتش دبور، سمير أبو الليل، غش الزوجية، فوكك مني، حفلة منتصف الليل، أنا بضيع يا وديع، واحد صفر، وغيرهم من الأفلام التجارية الفارغة في كل محتوياتها ورسالتها نحو المجتمع الكبير، سيدرك وسيعرف وسيفهم منذ الدقائق الأولى لرؤيته تلك الأفلام الفقيرة في كل شئ أنه يدور في فلك السخرية والمسخرة والخواء الفكري وكأنه يشاهد أفلام مكررة مع إختلاف الشخصيات وأماكن التصوير هذا إن لم يشاهد نفس الوجوه ونفس المشاهد.
حتى طريقة تناول الأفلام للمشهد العربي السياسي منذ العام 2010م سطحية وبعيدة عن الواقع المعاش، هل نحن نعيش في عالم إفتراضي؟ أم ماذا؟، ولماذا يركز دائماً في الأفلام المصرية على أن الشعب المصري يعيش في رفاهية تامة أو في فقر مدقع؟ ألا توجد حلول أكثر قوة وأكثر جاذبية لكل ذلك؟ ولما السخرية من قوميات وشعوب معينة داخل أكليشيهات السينما المصرية خاصة، وتنميط أدوار سخيفة ومعينة لتلك القوميات والشعوب داخل وخارج مصر؟.
أين السينما العربية والمصرية من تناول القضايا الإجتماعية والسياسية والإقتصادية بطريقة بسيطة وبطريقة قريبة من عقول وقلوب الشعب العربي؟ السينما العربية بهذه الطريقة لن تقدم شيئاً للمجتمعات المحيطة بها أو حتى لنفسها، وستهوى لا محالة.
هنالك فئة معينة فقط تستفيد من هذه الأعمال الفنية مثل: "المنتج - المخرج - الموزع - البطل - البطلة"، والشعب يدفع من جيبه الخاص الغالي والنفيس ليشاهد مثل هذه الأفلام التافهة في كل شئ بدءاً بالقصة ومروراً بمحطة التصوير وعبوراً لنقطة الإخراج ووصولاً لغرفة التوزيع.
من يدير دفة السينما في البلاد العربية؟ ولماذا وكيف؟ ولماذا لم نعد نشاهد أعمالاً كبيرة ورائعة مثل أفلام القرن العشرين؟ وأين الفرد العربي في بحر السينما العربية؟ وأين الهوية العربية في شواطئ الأفلام والأعمال السينمائية؟ وهنالك أسئلة كثيرة ومثيرة تحتاج من رواد الشاشة الفضية وبسرعة لأجوبة شافية وكافية فالسينما المصرية تهوي وتصعد للهاوية وبسرعة جنونية..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق