الأربعاء، 5 ديسمبر 2018

عندما يطغي تدين المظهر على الجوهر

لهذا نقول ونكتب لمعظم المنتمين للمجتمع (أقصد هنا المجتمع الإسلامي) وأنا منهم، ولشدة الأسف والتأسف نقول أنهم تثيريهم خصلة بدت من شعر المرأة‼ تثيرهم طريقة سيرها، وقوفها، جلسوها، ركوبها، صوتها، لباسها، وحتى أكلها وشرابها‼
والأصح، يثيرهم وجودها بشكل عام إن صح التعبير ويريدون إخفائها  ومحوها من الوجود لولا أنها تثيرهم وتسيل لعابهم بسبب غرائزهم‼
بينما لا يثيرهم أو يؤثر فيهم طفل جائع عاري مشرد يستجدي قوت يومه متسولاً في برد قاس قارص أو حر شديد لاذع بسبب وصاية كلاً منهم على الخلق بإسم الله وحينما يرونهم يغضون أبصارهم كأن ذلك لا يعنيهم، ويقولون بسخافة معتادة إنما هى أرزاق يقسمها الله وهذا هو حظهم من الدنيا ولا يقولون لأولئك  أن الهداية بيد الله والله يهدي من يشاء...!!
ولا يثيرهم ولا يهيج مشاعرهم الدينية قتل أو قهر أو تعذيب إنسان بإسم الدين...!!
أيضاً، لا تثيرهم ولا تغضبهم ظاهرة إغتصاب الأطفال من رجال الدين وغيرهم...‼
وحتماً لا يثيرهم ويغضبهم الإغتصاب والتشريد والتنكيل والتعذيب والإعتقالات بإسم الدين...‼
ولا يثيرهم الفساد والظلم والإستبداد والإضطهاد وعدم العدالة وضياع الحقوق  بإسم الدين...‼
نفس هؤلاء لا يثيرهم ولا يغضبهم  أكل مال اليتيم وإنتهاك حقوق المستضعفين والعناية بالفقراء والمساكين والمحرومين وتزويج القاصرات بإسم الدين...‼
كما نعتقد أيضاً أنهم لا يثيرهم ولا يغضبهم فقه التحلل (السرقة الشرعية)...!!
لا يثيرهم ولا يغضبهم  موت العشرات بالوباء في كسلا ولا موت العشرات بالكوليرا والرصاص في كل أجزاء الوطن في السودان، ونفس الحال ينطبق على أي مكان فيه تجمع للمجتمع الإسلامي وبكامل الأسف والندم والحسرة...!!
 لا يثيرهم ولا يغضبهم  إلتحاق الفتيات بداعش من أجل جهاد النكاح وعودتهن غانمات وفرحات بأطفال لا يعلمون أبائهم...‼
لا يثيرهم ولا يغضبهم الفقر والبطالة وإنتهاك  حقوق الإنسان وإنعدام الصحة والتعليم والخبز وغلاء الأسعار وتعريفة المواصلات...‼
والأدهى والأمر أنهم لا يثيرهم ولا يغضبهم تبرير رجال الدين الفساد الإداري ونهب دولة بأكملها وقتل المواطنين بإسم الدين، والبقاء في السلطة لعقود طويلة جداً وبقوة السلاح وبدون وجه حق...‼
وهذا  ما جنيناها من بعض ممن يسمونهم برجال الدين الذين لا يفكرون إلا بجهازهم التناسلي ومستوى تفكيرهم لا يتتجاوز الغرائز والمتعلقة بالنفاس والحيض والحمل والإيلاج والزواج والطلاق.
قال الشيخ السلفي عبد الله السويلم مفتياً: "ترك صلاة الفجر أعظم عند الله من قتل النفس والزنا بالأم والبنت والأخت وغيرهم من المحارم"...!!
كما قال أحدهم: "بأن الحاكم لا يسأل عندما يزني حتى لو زنا على الهواء مباشرة وشاهد فعلته المباركة كل الخلق في الأرض؟".
لا إستطيع أن أفهم صراحة؟ لأن قبول الصلاة نفسه يقاس بالتقوى والصلاة مترجمة للأخلاق وأين تكمن أخلاق من تدنى بشهوته إلى هتك عرضه ومحارمه...!!؟؟؟
تكرر الأمر بالعلم والعمل ومكارم الأخلاق والتقوى والعدل والرحمة والبر والعفو مرات عديدة في عديد الآيات في القرآن، فنسوا كل هذا ولم يذكروا من كتابهم إلا آية الحجاب التى جاءت في موضع واحد  ولماذا لم تلتقط عيونهم من القرآن كله إلا آية الحجاب...؟؟!!!
وكيف تخطت عيونهم مئات الأوامر في عديد الآيات في القرآن الكريم والتي تأمر بالمحبة والتقوى والرحمة والعدل والرأفة والعفو والتسامح والتواد  التآخى والإحسان والصدقة والإنفاق وإصلاح حال المجتمع الإسلامي...!!
إلا أن تكون قلوبهم قد  تحجرت وأصبحت تبحث عن أسباب للنكال والتنكيل  في عصر تفشت فيه خراب الذمم وشراء الضمائر  وأصبح من السهل جمع أربعة شهود زور على باب أي محكمة في مقابل حفنة من المال...!!
إذا أردنا أن نسير على درب الرسول (صلى الله عليه وسلم) علينا أن نقلده في  أخلاقه، فقال له ربه مادحاً: {وإنك لعلى خلق عظيم} أي لم يمتدح ربنا لباسه وإنما أمتدح خلقه وأخلاقه وليس تدينه المظهري وهنا نجد مناط الأسوة والتقليد وجوهر السنة، وأن نقلد النبي في أمانته وفي صدقه وفي كرمه وفي شجاعته وفي حلمه وفي ثباته على الحق وفي حبه للعدل وفي كراهيته للظلم‼
أما أن نترك كل هذا ونقيم الدنيا ونقعدها على تقصير الثوب وخصلة بدت من شعر إمرأة هذا يعني أننا أصبحنا مسوخاً مشوهة للروح والنفس والعقل ولم نأخذ شيئاً من الدين، أو أخذنا قشوره فق...‼
لسان حال المجتمع الإسلامي يقول: "صلي  وصم وزكي وأطل لحيتك وأقصر جلبابك وسبح بالمسبحة وأستعمل المسواك الأخضر وتزوج أربعة ولا بد أن تتزوج بواحدة عمرها 9 سنوات ولا تنسى التظاهر بالتدين أمام الناس وصلي في الصفوف الأمامية وأحفظ بعض الآيات والمرويات" هنا أنت مسلم من الدرجة الرفيعة، ما شاء الله تبارك الله.
وفي المقابل أسرق وأزني وأكذب ومارس كل أنواع الفساد والعنصرية ونافق وأظلم ومارس التضليل والتمويه بكل أشكاله فليس عليك حرج أو جناح لأن مجتمعك (أو قطيعك) سيبحث لك عن الأعذار...‼
ويا سيدتي تحجبِي وأسرقي وأزني وكذبي ونافقي وأظلمي وأعتدي فأنتي في أمان ولا حرج أو جناح عليكي أيضاً ولكن لا تنسي أن تغطي شعرك فقط.
لذلك خرج لنا جيل يهتم بالعبادات الشكلية على حساب المنظومة الأخلاقية  والقيم الإنسانية...‼
والحرية النفسية والعقلية أساس المسئولية، والإسلام يقدر هذه الحقيقة ويحترمها وهو يبني صرح الأخلاق لأن الإكراه على الفضيلة لا يصنع الإنسان الفاضل بل يصنع إنسان منافق، كما أن الإكراه على الإيمان لا يصنع الإنسان المؤمن...‼

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حرب عبثية في السودان

نعم هنالك حرب عبثية في السودان منذ إبريل 2023 بين ما يسمى بالجيش السوداني وأقصد هنا القادة وهم ينتمون للحركة الإسلامية السودانية أي (الفلول)...